أخبار العالمثقافةسجالاتمقالات

ظاهرة لافتة في الولايات المتحدة.. لماذا لا يتقاعد السياسيون رغم تقدم أعمارهم؟

في الوقت الذي لا يستطيع ولا يُسمح فيه للرئيس الأميركي بالبقاء في الحكم لأكثر من 8 أعوام في حال إعادة انتخابه لفترة حكم ثانية يمكن لأعضاء مجلس النواب والشيوخ على المستوى الفدرالي البقاء في مناصبهم لفترات وسنوات بل ولعقود غير محدودة طالما تتم إعادة انتخابهم.

ولهذا السبب تشهد الولايات المتحدة ظاهرة بقاء بعض أعضاء الكونغرس في مناصبهم لفترات طويلة وصلت في بعض الحالات إلى 60 عاما، ويرتبط بهذه الظاهرة ارتفاع عمر الكثير من السياسيين الأميركيين وتنافسهم الانتخابي وعدم رغبتهم في التقاعد المبكر.

أعمار مرتفعة للغاية
طبقا لبيانات التعداد الفدرالي لعام 2020 يبلغ متوسط عمر المواطن الأميركي 38 عاما، ويرتفع متوسط العمر بين السياسيين الأميركيين بصورة كبيرة وصل معها متوسط عمر أعضاء مجلس النواب إلى 58 عاما، ومتوسط عمر أعضاء مجلس الشيوخ 63 عاما.

وسوف يبلغ الرئيس جو بايدن 80 عاما بعد عدة أشهر، وقد أعلن نيته خوض انتخابات الرئاسة عام 2024.

أما النائبة نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب فتبلغ من العمر 82 عاما، وتمثل إحدى مقاطعات ولاية كاليفورنيا منذ 36 عاما، وستخوض انتخابات الكونغرس في نوفمبر/تشرين الثاني القادم، فيما يبلغ زعيم الجمهوريين بمجلس الشيوخ السيناتور ميتش ماكونيل 81 عاما ويخدم بالمجلس منذ 37 عاما ممثلا لولاية كنتاكي، وأعيد انتخابه لمدة 6 سنوات جديدة عام 2020.

أما زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب النائب ستيني هوير فيبلغ من العمر 82، ويمثل إحدى مقاطعات ولاية ميريلاند منذ 42 عاما، ويعادله في العمر النائب جيمس كلايبورن منسق الأغلبية الديمقراطية بالمجلس، ويمثل إحدى مقاطعات ولاية كارولينا الجنوبية منذ 30 عاما.

ولا يعد هؤلاء الأكبر بين نظرائهم، إذ يقترب عمر بعض أعضاء مجلس الشيوخ الآخرين من 90 عاما، فعمر السيناتور ريتشارد شيلبي من ولاية ألاباما 88 عاما، وخدم خلالها 35 عاما في مجلس الشيوخ، وهو نفس عمر زميله تشاك غراسلي من ولاية أيوا حيث إنه مثلها لمدة 41 عاما، أما السيناتورة ديان فاينشتاين البالغة 89 عاما فتمثل ولاية كاليفورنيا منذ 30 عاما.

تقاعد لا يأتي كثيرا
قبل 20 عاما توفي السيناتور ستروم ثورموند من ولاية كارولينا الجنوبية عن 100 عام جعلته الأكبر بين من استمروا في العمل السياسي في هذا العمر المتقدم على مدار التاريخ الأميركي وعلى مدار تاريخه كسيناتور والذي بدأ عام 1948، وعاصر السيناتور 11 رئيسا أميركيا.

ولم تدفع نداءات الكثير من المقربين من السيناتور ممن اعتبروه غير صالح عقليا للخدمة مع تكرار هفوات الذاكرة بصورة شبه دائمة، والتي جعلت من الصعب عليه الدخول في نقاشات طويلة.

وتدفع عدة عوامل لبقاء بعض أعضاء الكونغرس لعقود طويلة في مناصبهم طالما تتم إعادة انتخابهم، وعلى رأسها يأتي بقاؤهم على قيد الحياة مع التحسن المستمر في الرعاية الصحية وتطور طرق مقاومة الأمراض.

واعتبر طبيب أميركي تحدث للجزيرة -طلب عدم ذكر هويته- أن الكثير من هؤلاء السياسيين يعتقدون أن تقاعدهم سيعجّل بوفاتهم، وأن استمرارهم في العمل يحميهم من تدهور حالتهم الصحية والبقاء منشغلين بأمور حياتية وسياسية واسعة تنشطهم ذهنيا وفكريا.

وجاءت أطول فترات تمثيل أعضاء مجلسي النواب والشيوخ على النحو التالي:

النائب جون دينغل- ديمقراطي ومثّل إحدى مقاطعات ولاية ميشيغان لمدة 60 عاما في مجلس النواب.
السيناتور روبرت بيرد، ديمقراطي، فرجينيا الغربية، 57 عاما في مجلس النواب ثم الشيوخ.
السيناتور كارل هايدن، ديمقراطي، أريزونا، 56 عاما في مجلس النواب ثم الشيوخ.
السيناتور دانيال إينوي، ديمقراطي، هاواي، 53 عاما بمجلس النواب ثم الشيوخ.
النائب جيمي ويتن، ديمقراطي، مسيسيبي، 53 عاما بمجلس النواب.

لماذا يصوت الناخبون للمرشح المسن؟
بلا شك يتيح طول فترات العمل السياسي خبرات مهمة لصاحبها، لكن إدارة الولايات المتحدة في جزء كبير منها عن طريق قادة يعانون من أعراض الشيخوخة من شأنها -مهما كانت نواياهم حسنة- التأثير السلبي على مستقبل البلاد.

وتدفع زيادة إقبال كبار السن على التصويت في المواسم الانتخابية بنسب أكبر من مثيلتها عن الفئات الأصغر عمرا إلى سهولة انتخاب المرشحين المسنين، كما تمنح إمكانية إعادة الانتخاب مزايا كبيرة للمرشحين عند مواجهتهم مرشحين أصغر ليست لديهم شهرة في الولاية.

وخلال انتخابات 2020 صوت هؤلاء الذين تتراوح أعمارهم بين 65 و74 عاما بنسبة 76%، في حين بلغت النسبة بين من تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما 51.4% فقط، ويثق كبار السن في مرشحين يشبهونهم في السن والتجارب الحياتية، والأهم أن المرشحين المسنين يدركون أهمية قضايا، مثل الرعاية الطبية والضمان الاجتماعي الحكومية ومستقبل أسعار الأدوية الموصوفة طبيا بالنسبة لهذه الفئات.

حد أقصى لسنوات المنصب
ترسخت حركة مستقلة داخل المجتمع المدني الأميركي بهدف وضع حدود زمنية أو حد أقصى لفترات البقاء في المناصب السياسية كما يحدث مع الرئيس الأميركي ذاته.

وحاولت الحركة على مدار العقود الماضية الضغط من أجل هدفها، ووصلت إلى ذروتها بين عامي 1992 و1994، وهي الفترة التي بادرت فيها 17 ولاية أميركية بتبني قوانين وتعديلات دستورية داخل الولايات تضع حدودا زمنية وعدد فترات محدودة لممثلي الولاية في الكونغرس.

وتشير استطلاعات الرأي المتكررة إلى وجود رغبة شعبية تتخطى 66% بين الأميركيين تدعم تحديد فترات المناصب السياسية.

ووصل النزاع القانوني إلى المحكمة الدستورية العليا التي حكمت عام 1995 بعدم دستورية هذه القوانين لمخالفتها الدستور الأميركي، وقضت المحكمة بأغلبية 5 أصوات مقابل 4 أصوات بأن حكومات الولايات لا يمكنها الحد من فترات عضوية أعضاء الحكومة الفدرالية، بمن فيها ممثلوها في الكونغرس.

المصدر : الجزيرة

مقالات ذات صلة

إغلاق
%d مدونون معجبون بهذه: