القاهرة- في إطار الفعاليات الثقافية بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، استضاف المعرض ندوة فكرية بعنوان “العرب والغرب: رؤى متبادلة”، جمعت بين اثنين من أبرز المفكرين العرب، هما الدكتور عبدالإله بلقزيز، أستاذ الفلسفة بجامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء، والدكتور محمد المعزوز، الأستاذ بجامعة السوربون ومستشار الاتحاد الأوروبي. وأدار الجلسة الباحث والمفكر المصري نبيل عبدالفتاح، حيث تناول النقاش العلاقة المتشابكة بين الفكر العربي والفكر الغربي، واستكشف الرؤى المتبادلة بين الطرفين، في ضوء التحولات السياسية والفكرية الراهنة.
واتفق المشاركون على ضرورة تجاوز الخطابات الاختزالية في تناول العلاقة بين العرب والغرب، والعمل على بناء رؤى أكثر تعقيدا وعمقا، تستند إلى قراءة تاريخية متأنية، وفهم أوسع للمتغيرات الجيوسياسية والثقافية الراهنة.
استهل نبيل عبدالفتاح الجلسة بالإشارة إلى أن الغرب ليس كيانا موحدا أو ثابتا، بل هو فضاء متعدد ومتحول، مما يستوجب إعادة النظر في الطريقة التي يتعامل بها الفكر العربي مع الغرب. وأكد أن التصورات العربية السائدة عن الغرب تشوبها كثير من التناقضات والأساطير، مما يفرض ضرورة تفكيكها وإعادة بنائها وفق أسس أكثر واقعية وموضوعية.
من جانبه، ركز الدكتور عبدالإله بلقزيز على تأثير الأحداث التاريخية في تشكيل رؤية العرب للغرب، مشيرا إلى أن التفاعل العربي مع الحداثة الغربية بدأ مع حملة نابليون على مصر، وهو الحدث الذي أدى إلى انقسام النخب العربية بين تيارين رئيسيين: الأول تمسك بالأصالة والتراث الإسلامي، بينما تبنى الثاني مشروع العصرنة والانفتاح على الفكر الغربي، الذي أطلق عليه لاحقا التيار الليبرالي العربي.
أما الدكتور محمد المعزوز، فقد سلط الضوء على الأحداث الراهنة، مؤكدا أن “طوفان الأقصى” وما تبعه من تداعيات على القضية الفلسطينية، وضع العرب مجددا أمام اختبار حقيقي في علاقتهم بالغرب. وأوضح أن الغرب، الذي طالما شغلته “المسألة اليهودية”، أصبح اليوم أمام ما يمكن وصفه بـ”المسألة العربية”، في ظل تصاعد الوعي العالمي بالقضية الفلسطينية، والاحتجاجات المناهضة لسياسات الاحتلال.
وأشار عبدالفتاح إلى أن العلاقة بين الفكر العربي والفكر الغربي ظلت محل جدل منذ صدمة الحداثة وثورة التنوير الأوروبية، مرورا بميلاد الدولة الحديثة في عدد من البلدان العربية، مثل تونس، التي شهدت أول دستور عربي. وأوضح أن الأسئلة التي طرحتها الحداثة على الفكر العربي لا تزال قائمة إلى اليوم، خصوصا في ظل التحولات الجيوسياسية التي يشهدها العالم العربي