أخبار العالم

: الوباء يتراجع كثيرا عندنا.. وموجة ثالثة تهددنا

تشهد بلادنا منذ أسبوع أو أكثر تراجعا ملحوظا في المعطيات الوبائية المتعلقة بجائحة كوفيد 19؛ فالتقارير اليومية الصادرة عن وزارة الصحة تبين أن انخفاضا عاما طال المؤشرات الرئيسية: نسبة الفحوص الموجبة، الوفيات، الحالات الخطيرة… إلخ.

وضعية جيدة مقارنة بالجيران…

وكما هو الحال في جل الدول وفي منطقتنا، فإن الموجة الوبائية الثانية، التي عاشها العالم، وضربت بلادنا منذ شهر نوفمبر الماضي، تشهد اليوم تراجعا عاما. غير أن مسارها متباين من بلد لآخر ومن غير المتوقع أن يسير على وتيرة ثابتة.

ووضعيتنا من أحسن ما يكون في المنطقة. و بيانا لذلك فقد قمنا بمقارنة بيانات تتعلق بموريتانيا وبدول الجوار الثلاثة التي تربطنا بها صلات بشرية قوية عابرة للحدود: السنغال، مالي، المغرب.

وقد انتقينا مؤشرين رئيسين يتعلقان بالأيام السبعة الأخيرة: الفحوص الموجبة والوفيات. وتظهر الرسوم البيانية المتعلقة بهما أن موريتانيا أحسن من جاراتها بكثير، رغم أن التحليل المقارن بين الدول الأربع بقي ناقصا نوعا ما : لم يتيسر لنا بصورة مرضية الحصول على المعطيات الإحصائية الصحية الخاصة بدولة مالي بشكل كاف ودقيق، ولو أننا اطلعنا على جزء هام منها. مما حال دون دمجها في الجداول والرسوم البيانية التي نشرنا.

ففيما يخص نتائج التشخيص، فإن المعدل اليومي للفحوص الموجبة خلال الأيام السبعة الأخيرة أنخفض في بلادنا إلى 1,51%؛ أي: أقل من 02% التي تعتبر العتبة الأدنى للخطر الوبائي. بينما بلغ المعدل لنفس الفترة 12.87% في السنغال و4.22% في المغرب.

أما معدل الوفيات اليومية، ولنفس الفترة دائما، فهو: 0.57 وفاة بالنسبة لموريتانيا، في حين يبلغ 8.57 وفاة في السنغال، ويزيد العدد في المغرب على ذلك، حيث يصل إلى 11 وفاة في الجارة الشمالية.

  عوامل هشاشة وبائية تهددنا من جديد…!

غير أن التحسن في المعطيات الوبائية الذي نعيشه هذه الأيام قد يكون عرضة للتغير في اتجاه مقلق-لا قدر الله؛ إن نحن لم نجعل لهذا الاحتمال الخطير حسبانا. فمن الملاحظ عبر العالم أن تراجع وتيرة الجائحة تتولد عنه في أكثرية الحالات مسلكيات فردية وجماعية غير مسؤولة ومريبة تتمثل في شعور جمعي بعدم الخطر يهدد التحسن بالتراجع. فالناس يتهاونون مع الإجراءات الوقائية. وبلادنا ليست بمنأى من هذا الأمر. بل على العكس؛ إن بوادره بدأت تتراءى بشكل جلي: النشاطات الحضورية الجماعية (الحفلات، الاجتماعات، التظاهرات السياسية، الثقافية، الاجتماعية…) تشهد انتعاشا جديدا منذ الأيام والأسابيع الأخيرة. وتُجرى في ظروف لا يتقيد فيها المشاركون بالإجراءات الاحترازية الصحية إلا قليلا: لا التباعد الاجتماعي، ولا ارتداء الكمامات، ولا استخدام المطهرات… يتم التقيد بها. وكأن الناس لا يبالون بكون الوباء منتشرا بيننا فحسب، بل إن طرق انتقاله لم يعد من الممكن الوقوف عليها بدقة، لأن الإصابات في مجملها صارت مجتمعية: لا يدري أحد من أي جهة أو أي فرد ينتقل العدوى.

وهذه عوامل خطر تستدعي منا تعاملا مع الوضع الصحي الراهن بشكل يحول دون وقوعنا من جديد في موجة وبائية أخرى.

اليقظة، ثم اليقظة، ثم اليقظة…

ويشكل انتشار السلالات الجديدة أو المستجدة للفيروس عامل خطر إضافي ينذر باحتمال وقوع موجة وبائية ثالثة قد تطال بلادنا-لا قدر الله.. وقد ظهرت بعض تلك السلالات في السنغال وفي المغرب، دولتين تربطنا معهما يوميا حركة بشرية مكثفة ونشطة.

وصدر عن السلطات الصحية المغربية المعنية أمس بيانا مقلقا بهذا الشأن، جاء فيه أنه تم تشخيص 20 حالة من السلالة لإنكليزية لفيروس كورونا المستجد. ومما سمح للمغرب بالحصول على هذه النتيجة، وبمتابعة تطورات السلالات الفيروسية الجديدة على ارضه، كونه اقتنى التقنيات والتكنولوجيا الكفيلة بتشخيصها.

ونذكِّر بأن السلالات الجديدة لفيروس كوفيد 19 أسرع انتشارا من الفيروس الأصلي، وأشد منه قوة اضرار، وأصعب تشخيصا أيضا. وبلادنا ليست في مأمن من خطرها.

فعلينا أن نعمل ما بوسعنا للتصدي لها ولمواجهة مسلكيات الإهمال والتهاون بالإجراءات الاحترازية التي انتعشت بشكل مقلق خلال الأيام والاسابيع الأخيرة داخل الوطن.

… التشخيص والتلقيح…

ومن جهة أخرى، يجب أن نحافظ-في سبيل الوقوف في وجه موجة وبائية جديدة ومنعها ما استطعنا لذلك سبيلا، على مستوى مناسب من الفحوص اليومية؛ وأن نعمل بصورة خاصة على الحصول على الآليات التي تمكننا من تشخيص السلالات الجديدة والمستجدة لفيروس كوفيد 19.

كما ينبغي أيضا الدخول بسرعة في معترك اللقاحات الذي قطعت فيه الدول المجاورة لنا اشواطا هامة: المغرب، الجزائر، السنغال… حصلت كل واحدة من هذه الدول الثلاث على كميات معتبرة من اللقاحات، وبدأت فعليا باستخدامها.

 ونحن نخشى-حسب ما يتردد على السنة بعض المدونين الوطنيين-أن تكون موريتانيا قد تأخرت عن الركب. وإن كان الأمر على ما قالوا، فينبغي أن نبادر إلى استدراك الموقف. وأيا كان الحال، تأخرنا أم لم نتأخر، فعلى السلطات المعنية أن تنير الرأي العام حول الموضوع.

لأن قضية اللقاح تكتسي طابعا مزدوجا: سباقا نحو اللقاح وسباقا في المجال الإعلامي بشأنه يقوم على تحسيس المواطنين وشرح خطة أو استراتيجية التلقيح ( نوع اللقاح، طرق الحصول عليه وتوزيعه، الفئات المستهدفة حسب الأولويات الصحية وبرمجة عمليات التطعيم…إلخ). فعسى بلادنا أن تكسب المعركتين، وأن تسير على نهج يقينا من موجة وبائية  ثالثة. 

البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق
%d مدونون معجبون بهذه: