الأدب السياسيمقالات

*تعليق شيخنا الجليل فضيلة الدكتور أحمد كوري بن شيخنا العلامة ياب بن محمادي حفظهما لله تعالى*

*تعليق شيخنا الجليل فضيلة الدكتور أحمد كوري بن شيخنا العلامة ياب بن محمادي حفظهما لله تعالى*

شهادة في حق شيخنا أحمد بابا بن البخاري رحمه الله ورضي عنه
بقلم الفقير إلى الله/ أحمد كوري بن يابة السالكي السملالي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كان شيخنا أحمد بابا بن البخاري – رحمه الله – فقيها صوفيا ذائقا، وأديبا رقيق الشعور مرهف الحس، وكان من أعرف المعاصرين بالسيرة النبوية والتاريخ الإسلامي ومن أحفظهم لأشعار العرب ولغاتها وأنسابها وأيامها وتاريخها. وكان من أحفظ المعاصرين أيضا للشعر الشنقيطي الفصيح والشعبي، وله معرفة عميقة بعلم العروض والقوافي، وله ديوان من الشعر الحساني، وكتاب تاريخ أهل بارك الله، ورسائل في الأدب والفقه.
وكان عاكفا دائما على المطالعة، ولديه مجموعة كتب لا تفارقه حضرا ولا سفرا، تستأثر بأكثر مطالعته، منها:
الفواكه الدواني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني، للنفراوي.
ومعين التلاميذ شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني، لليونسي الولاتي.
والسيرة النبوية لابن هشام، وشرحها الروض الأنف للسهيلي.
وروض النهاة لحماد المجلسي شرح نظم الغزوات للبدوي المجلسي
وشرح حماد المجلسي على نظم عمود النسب للبدوي المجلسي
وشرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك.
وشرح قطر الندى وبل الصدى لابن هشام الأنصاري.
ومغني اللبيب، له أيضا.
وشرح بانت سعاد، له أيضا.
والكامل في اللغة والأدب، للمبرد.
وديوان الشعراء الستة الجاهليين، وشرحه للأعلم الشنتمري.
ومختار الشعر الجاهلي، بشرح مصطفى السقا ومحمد سيد كيلاني.
ومختار الصحاح، للرازي.
والقاموس المحيط، للفيروزاباذي.
ومختارات شعراء العرب، لابن الشجري.
وأيام العرب في الجاهلية، وأيام العرب في الإسلام، لمحمد أحمد جاد المولى بك، وعلي محمد البجاوي، ومحمد أبي الفضل إبراهيم.
وأخذ التصوف عن والده الرئيس الصالح المشهور الشيخ عبد الله العتيق (بودربالة) بن محمد الأمين بن البخاري بن محمد بن محمود بن عبد الله بن بارك الله فيه بن أحمد بازيد، رحم الله السلف وبارك في الخلف. وعن جدته الشيخة الصالحة مريم بنت محنض أحمد، ووالدته الشيخة الصالحة أم الخير بنت حبيب الله، وخالته الشيخة الصالحة الصغرى بنت حبيب الله، وعن الشيخ محمد سالم بن ألما.
وأخذ القرآن عن الشيخ محمد الأمين بن بدو القناني المولودي والشيخ محمد سالم بن أحمد بن سيدي بن مختارنا القناني المولودي.
وأخذ العلم عن الشيخ محمد عالي بن عدود، وابنيه الشيخ محمد يحيى والشيخ محمد سالم، وعن الشيخ محمد سالم بن ألما، وعن الشيخ محمد الأمين بن أحمد فال (الللاو).
وأخذ الأدب عن راوية عصره ونادرة زمانه في حفظ الأدب وعلوم اللغة الشيخ محمد المامي (امَّامِي) بن محمد البخاري.
وعن غيرهم.
وكانت طريقة الشيخ أحمد بابا في التدريس تقوم على البسط والتوسع، فكان يشرح البيت الواحد من القصيدة أو المتن في مجلس طويل قد يصل إلى ساعات، يستطرد فيه ما حضره من النصوص الشعرية والنثرية الفصحى والشعبية.
وكان – رحمه الله – في غاية التواضع وحسن الخلق، موطأ الأكناف، يألف ويؤلف، رفيقا بالطلاب محبا لهم باذلا لهم كل أنواع المساعدات، لا يرد طلب طالب سأله عن مسألة، أو أراد منه أن يلقي عليه درسا أو يراجع له.
ومن تواضعه وورعه أنه كان مرة يقيم في موضع في البادية ليس فيه غيره من العلماء؛ فأقبل عليه الناس بالسؤال عن النوازل، فلما رأى كثرتهم سافر من فوره، وقال: لا أقيم إلا في موضع فيه من هو أعلم مني، لأستفيد منه.
وكان والدي وعمي كثيرا ما يقولان: إن الشيخ أحمد بابا لم يكذب قط في صباه، وإن الناس كانوا يتعجبون من حرصه على الصدق في صباه.
والشيخ أحمد بابا ابن خال والدي وتربه وزميله وصديق عمره،  وكان والدي وعمي قد توفي أبواهما في صباهما فكفلهما خالهما والده؛ فكانا للشيخ أحمد بابا كالأخوين أو أقرب.
وللشيخ أحمد بابا فتاوى ونظرات صائبة سبق بها بعض معاصريه؛ فقد كان أكثر شيوخه وزملائه من العلماء يتحرجون – حتى بعد رحيل الاستعمار – من العمل الرسمي كالتعليم في المدارس الرسمية والقضاء، ويتحرجون من إرسال الأطفال إلى المدارس، ومن تعلم اللغات الأجنبية ويرونها مجرد وسيلة لنشر ثقافة المستعمر. فكان يناقشهم في ذلك، ويبين أن هذه المقاطعة لا مسوغ لها بعد رحيل الاستعمار وقيام الدولة الوطنية وإصلاح المناهج الدراسية والقوانين، ويحض الناس من جميع الطبقات والأعمار على التمدرس وتعلم اللغات والعمل والمشاركة في الحياة النشطة، ويفتي بأفضلية إعطاء القيمة في زكاة الأنعام والحرث وزكاة الفطر والكفارات؛ لأن ذلك هو المناسب لحال فقراء العصر. كما كان يحذر الشباب من التغريب والتطرف والشذوذ ورفض التمذهب.
وقد شهد له الشيخ التاه بن يحظيه بن عبد الودود، بصواب اجتهاداته هذه، وقال له الشيخ بداه بن البوصيري: أهنئك على ما فتح الله به عليك.
وقد أخذتُ عنه الأدب والعروض العربي والحساني والسيرة النبوية والأنساب، وسمعتُ منه الكثير من الفوائد في العلوم الشرعية واللغوية، ورويتُ عنه ديوانه ومؤلفاته وما تيسر لي من محفوظاته.
رحمه الله ورضي عنه، وجزاه عنا وعن العلم والدين خير الجزاء.

الوسوم
إغلاق
%d مدونون معجبون بهذه: