مقالات

قولوا لهم إنه حصاد “القوة المعتوهة”

قولوا للمزايدين والسابحين في الفضاء العكر، إن “القوة الهادئة الحكيمة”، تختلف عن “القوة المتهورة الطائشة”، وأن عهد السكينة والبصيرة، لا يمت بصلة إلى سنوات الاستهتار العجاف.
قولوا لهم ولأنصار الرئيس السابق ـ وقليل ما هم ـ إن جرائم القتل والاغتصاب كانت أشد وطأ وأبشع تنكيلا، أيام حكم “القوي غير الأمين”.
قولوا لهم إن الطفلة البريئة “زينب بنت كابر” اغتصبت وأحرقت وهي حية، جهارا نهارا في عرفات أواخر عام 2014، على يد ثلاثة مراهقين، ولم ترف جفن “للقوي الطائش”، ولم يرسل حتى معزين مواسين، لأب مفجوع مريض، وأسرة منكوبة.
قولوا لهم أن الأستاذ الجامعي والمحامي المعروف “الشيخ ولد حرمة الله”، قتل وهو في طريقه إلى المسجد، ولم يستطع نظام “القوي السارق” ـ حتى رحيله إلى مزبلة التاريخ ـ أن يقول لأهله المكلومين من قتل والدكم، أما أن يقتص لهم منه، فذلك مناط الثريا رماها المتناول..
قولوا لهم إن عناصر الأمن في نواكشوط لم يروا أبشع من جريمة قتل الشاب “إسماعيل” في حي الدار البيضاء بالميناء سنة 2014، حيث قطعت رأسه وشق بطنه، وتم التمثيل بجثته من طرف قاتله، فأين كان نظام “القوي الفاشل” ساعتها.
قولوا لهم إن الشاب آمدو صو، قتل في شهر أكتوبر عام 2014، بطريقة بشعة بعد تعرضه لطعنات بآلة حادة في القلب، وعثر على جثته قرب مقر صناديق القرض والادخار بالميناء، وكان حينها “القوي البائس” يعد دراهم الرشوة ويعيث في الأرض فسادا، فما سأل عنه ولا عن أهل بيته المفجوعين.
قولوا لهم إن لصوصا دخلوا ذات ضحوة مشؤومة سنة 2010، على شيخ مسن في محله التجاري بكرفور، ومزقوه بسكاكينهم، فاهتزت العاصمة وكل من فيها، إلا “زعيم اللصوص” الذي جمع فأوعى، وكدس وكنز.
قولوا لهم إن التاجرة خدوج بنت عبد المجيد قتلت أمام متجرها في سوق العاصمة سنة 2015، ونظام “القوي الفاشل” في أوج سطوته وجبروته، لكنه يومها كان مشغولا بعمولات الصفقات الوسخة، والسرقات المخجلة.
قولوا لهم إن الفتاة هدى بنت جدو قتلت في نواكشوط خنقا وهي حامل، في شهر فبراير 2012 ، وقتلت الفناة افاتيس في سبتمبر عام 2017، بدار النعيم، وقتلت الفتاة “المامية” طعنا بالسكاكين في نواذيبو، فهل حماهم نظام العشرية السوداء أو أغنى عنهم فتيلا.
ولم يكن داخل البلاد أيام حكم العصابة بأكثر أمنا أو هدوءا من العاصمة، فقد كانت جرائم القتل والاغتصاب تروع السكان في شتى ربوع الوطن، ففي شهر فبراير عام 2015، قتلت واغتصبت الطفلة حياتي منت أباه في مدينة تكنت جنوب موريتانيا، واغتصبت الصغيرة بنت خطري في مقاطعة كنكوصة، وفي مارس 2017، قتل الطفل أدومو ولد جار الله بمدينة كيفة.
وقتل الطفل اعل ولد ميناط، ذو السبع حجج، في مدينة افديرك في شهر نوفمبر عام 2015، كما شهدت تلك المدينة الصغيرة الهادئة في نفس الفترة عمليات حرق للمنازل ونبش للمقابر، فما أغنى نظام “القوة المعتوهة” شيئا عنا سكانها، وما وفر لهم أمنا ولا طمأنينة.
وفي مارس عام 2019، قتل التاجر دحمد ولد محمد العبد في سوق تبمدغة وأصيب رفيقه مولاي بجراح، فما سأل عنهم ولا عن ذويهم “شيخ العصابة وزعيم اللصوص”.

ولم يقتصر القتل على صغار اللصوص والسكارى، فقد كانت قوات الأمن وهي تأتمر بأوامر “سيد اللصوص” الحاكم خلال عشرية الفوضى والبؤس، تقتل نيابة عنه.
فعلى بوابة قصر “عزيز الفساد” قتلت الشرطة الطالب في كلية الآداب أحمد ولد حمود في مارس 2014، وكان ذنبه الوحيد أنه رفع عقيرته محتجا على تمزيق وتدنيس المصحف الشريف.
وقبل ذلك في يونيو عام 2012، كان الشاب الشيخ ولد المعلى يصارع الموت، مختنقا بغازات قوات الأمن، وهو في متجره المتواضع قرب العيادة المجمعة، دون أن يشارك في مظاهرات أو احتجاجات، ولم يكلف النظام نفسه الاعتذار لذوي الضحية أو مواساتهم.
وفي سبتمبر عام 2011، قتل الشاب لمين مانغان برصاص قوات الأمن في مدينة مقامة بولاة كوركول، لأنه احتج مع رفاقه على ما اعتبروه ظلما لهم من نظام عصابة العشرية.
قولوا لهم إننا ودعنا نظام “القوي الخائر” على وقع الانفلات الأمني، فقد سجل الربع الأول من عام 2019، أزيد من 105 جرائم قتل وسطو في ثلاث مقاطعات من العاصمة هي عرفات ودار النعيم والسبخة، دون أن نذكر الجرائم المرتبكة في باقي مقاطعات العاصمة وفي أرجاء الوطن، فأين كانت سطوة وقوة وجبروت ” الرئيس السارق”.
وأخيرا قولوا لشيوخنا وأئمتنا الفضلاء إن هذه الجرائم وغيرها كثير عظيم، ارتكبت كلها خلال فترة العشرية السوداء، وأصدر القضاة على بعض مرتكبيها أحكاما بالقتل قصاصا وغيلة ولم تنفذ، فما الذي منعهم من التظاهر أمام القصر الرئاسي ورفع الصوت حينها مطالبين بتطبيق الشريعة، ونعم المطلب، أم أن جبروت وتهور وغباء حاكم العشرية، كان حائلا دون المجازفة بالتظاهر أمام قصره، حيث أريق الدم هناك عند أول تظاهرة احتجاج، أما اليوم فهناك انفتاح وقبول للرأي الأخر مهما كان، ترعاه وتؤمنه القوة الهادئة الرزينة.
إنها مجرد نماذج وغيض من فيض الجرائم والفلتان الأمني أيام العشرية السوداء، واليوم يريد المصابون بعمى الألوان وطمس البصيرة أن يوهمونا أن الإجرام استجد بعد رحيل نظام الجريمة والتلصص عن هذه البلاد، والحق أحق أن يتبع، فما نعيشه اليوم هو ثمن سياساته الفاشلة وأذاه المستفحل، وخطاباته الاستفزازية الحمقاء حين كان حاكما لهذه البلاد، ورعايته للتطرف والفوضى، وشق الفتق في نسيج المجتمع.
محمد محمود عبد الله

مقالات ذات صلة

إغلاق
%d مدونون معجبون بهذه: