إليكم بيان نشر باسم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز يتحدث فيه عن علاقته بالرئيس الحالي وعن رؤيته لما حصل من أحداث مؤخرا.
وهذا نص البيان:
“لقد تعرفت على الرئيس الموريتاني الحالي منذ أكثر من أربعين سنة، أي تزامنا مع بداية مشوارنا المهني المشترك في الجيش الوطني، حيث تدربنا معا في عدة مدارس ومعاهد في موريتانيا وخارج البلاد واتسمت علاقاتنا العملية بالتفاهم والصداقة، كما تدرجنا في الرتب العسكرية بصفة شبه متزامنة.
وفي سنة 2005 ونظرا للصعوبات الجمة التي هددت بقاء البلاد، شاركنا إلى جانب مجموعة من الضباط السامين في تغيير أدى إلى إصلاحات ديمقراطية جوهرية ختمت بمسلسل انتخابي كان آخر حلقاته انتخابات رئاسية حرة وشفافة سنة 2007. لقد قدت الحركة التصحيحية سنة 2008، بعد تدهور أوضاع البلاد من جديد بعد دخول “الإخوان” في الحكومة وبعد أن عين الرئيس وقتها قائدا جديدا للأركان العامة، خلفا للرئيس الحالي الذي كان يشغل المنصب وكان موجودا خارج البلاد وقتها. وهكذا أصبحت رئيسا للبلاد وتم انتخابي بصفة ديمقراطية لمأموريتين متتاليتين، ظل الرئيس الحالي يشغل خلالها منصب القائد العام لأركان الجيوش، باستثناء أشهر قليلة قبل مغادرتي طواعية للسلطة احتراما لمقتضيات الدستور، سنة 2019، حيث عينته وزيرا للدفاع الوطني لإعطائه المصداقية السياسية الضرورية كمرشح رئاسي مقبل.
قد عملت جاهدا خلال مأموريتي الأخيرة (2014-2019)، وبصعوبات كبيرة، على إقناع كل الطيف السياسي داخل الأغلبية الرئاسية لترشيح رفيق كنت أعتبره مؤتمنا على مصالح البلاد الحيوية، كما كنت أعتقد أن لديه الإلمام الكافي بخطورة بعض التنظيمات الإرهابية كالإخوان، ليس على استقرار موريتانيا فحسب، بل وعلى الوطن العربي برمته. لقد خضت حملة انتخابية رئاسية ناجحة لصالح الرئيس الموريتاني الحالي، سنة 2019، وسط مزاحمة شديدة من خمسة مرشحين مثلوا جهات سياسية قوية، كان من بينهم مرشح “الإخوان”، وزير أول سابق في الفترة الإستثنائية، حصل على أموال طائلة من جهات خارجية معروفة العداء لأمن واستقرار المنطقة.
إلا أنني مع الأسف الشديد، بلغتني عدة أنباء وأنا في الخارج، تؤكد توغل شخصيات محسوبة على “الإخوان” في صفوف “الداعمين الجدد” للرئيس، كما فتح أبواب مكتبه واسعة لاستقبال شخصيات من هذا التيار الخطير، والمعارضة عموما. ومن بين هذه الشخصيات: المختار ولد محمد موسى، جميل منصور، عمر الفتح ومحمد غلام الحاج وقياديين آخرين. كما لاحظت أن شخصيات أخرى محسوبة على هذا التيار كانت تنشط في الأغلبية في توزيع للأدوار، تبوأت مناصب متقدمة في الهيكلة الحكومية والإدارية الجديدة.
بعد عودتي إلى البلاد ، قررت تأدية زيارة لمقر الحزب الحاكم الذي أسست في بداية رئاستي للبلاد، فاستغلها المحيط السياسي الجديد لرئيس البلاد لتفجير أزمة سياسية مصطنعة حول مفهوم لم يسبق وأن سمع به الموريتانيون، “المرجعية”، كان الهدف الواضح منها الإساءة إلي ومحاولة التضييق علي سياسيا. فاتصلت برئيس البلاد الجديد وحاولت أن أفهمه خطورة الموقف وإقناعه بأن ما يحدثك هو أمر أبرم بليل من طرف “الإخوان” وحلفائهم للوقيعة بي ومن ثم إضعافه هو والتحكم فيه وفي الدولة من خلاله. إلا أنني لم أحصل منه على الاستجابة والتفهم الذين كنت أتوقع.