كشفت صحيفة El Salto Diario الإسبانية في تحقيق لها أنّ موريتانيا افتتحت في 17 أكتوبر الماضي مركزين جديدين لاحتجاز المهاجرين، أحدهما في نواكشوط والآخر في نواذيبو قرب الحدود مع الصحراء الغربية، بتمويل من الحكومة الإسبانية والاتحاد الأوروبي عبر مؤسسة التدويل للإدارات العامة (FIAP) التابعة لوزارة الخارجية الإسبانية.
ووفق الوثائق التي اطّلع عليها التحقيق، يضم مركز نواكشوط 107 أماكن احتجاز بينها سريران للرضع، فيما يحتوي مركز نواذيبو على 76 سريرا. وتم تمويل المشروع ضمن برنامج الشراكة العملياتية المشتركة (POC) لمكافحة الهجرة غير النظامية. وأقرت مدريد أن هذه المراكز «مستوحاة من مراكز (CATE) في جزر الكناري»، لكنها ستحتجز القاصرين أيضاً بما فيهم الأطفال الرضّع، وهو ما تحظره القوانين الإسبانية. مصدر إسباني مطلع صرّح بأنها «مراكز احتجاز بالفعل»، فيما أكد مصدران موريتانيان المعلومة، بينما رفضت FIAP والحكومة الموريتانية وبعثة الاتحاد الأوروبي التعليق.
التقرير بيّن أن كل العقود منحت من دون مناقصة علنية وبلغت تكلفتها ما يزيد عن 1.08 مليون يورو من الأموال الإسبانية والأوروبية. كما خصصت الوكالة 160 ألف يورو إضافية لشراء معدات للشرطة الموريتانية.
ويربط التحقيق بين هذه الخطوة وسعي الاتحاد الأوروبي إلى نقل إدارة الهجرة إلى خارج حدوده، في إطار ما يعرف بـ «خارجنة الحدود». ففي مايو 2024 أرسلت 15 دولة أوروبية رسالة للمفوضية الأوروبية تطالب بإنشاء مراكز احتجاز خارج الاتحاد، ورغم أن إسبانيا لم توقع، فقد كانت قد منحت شركة CADG عقد إنشاء المركزين قبل ذلك بأيام. وفي أغسطس 2024 زار رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز ورئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين نواكشوط، وتعهدا بتقديم 500 مليون يورو لموريتانيا.
التقرير أكد أن إسبانيا تنشر أكثر من 80 عنصراً من الحرس المدني والشرطة والاستخبارات في موريتانيا ويشاركون في العمليات الأمنية المشتركة، التي تشمل مداهمات لمنازل واعتقالات عشوائية على أساس عرقي. كما تستخدم القوات الموريتانية معدات قدمتها مدريد بينها سيارات رباعية الدفع ودراجات quads وطائرات مسيّرة متطورة.
وأشار التحقيق إلى إقالة الضابط الموريتاني عبد الفتاح، رئيس مكتب مكافحة الهجرة والاتجار بالبشر، بعد أن كشفت صحف El País وLe Monde وporCausa تلقيه رشاوى من مهربين مقابل تزويد الحرس المدني الإسباني بمعلومات مضللة. وكان عبد الفتاح قد كرّم سابقاً بوسام الاستحقاق الشرطي الإسباني عام 2022 ولا يواجه حالياً أي اتهامات.
وتؤكد الصحيفة أن الحكومة الموريتانية لم تردّ على أسئلة التحقيق حول مصير المهاجرين الذين سيُحتجزون في هذه المراكز، في حين تشير مصادر ميدانية إلى أن المنشآت جاهزة لكن لم تدخل مرحلة التشغيل بعد.
ويختتم التحقيق بأن القوات الموريتانية تنفّذ مداهمات عشوائية ضد المهاجرين بما في ذلك الأطفال الرضّع، حيث يُعتقل المهاجرون ويُجرّدون من وثائقهم ومتاعهم ويُحتجزون لأيام في ظروف غير إنسانية دون طعام أو ماء أو مرافق صحية، حسب التقرير.
موقع السياسي متخصص في الشؤون السياسية