تغريدات

جارتي العجوز (تفاصيل )

جارتي العجوز :

كنت في الشارع غير بعيد عن البيت قابلتها على الرصيف وهي تتوكأ على عكازها، جارتي توكيت، … قالت لي هل تعمل اليوم قلت لها تقريبا نعم … وأنت كيف حالك؟
ردت علي بأنها تشعر بالممل القاتل وهي في الرابعة والتسعين من العمر … وبأنها خرجت أو بالأحرى “رمت بنفسها في الشارع” لتتسكع قليلاً، وتخفف من الشعور بالوحدة … واغرورقت عيناها بالدموع ..
قلت لها : تعالي نجلس معاً وجلسنا

-لماذا تشعرين بالملل، هل يزورك ابنك الوحيد أم لا ؟
-قالت : لقد عجز هو الآخر وبلغ الثانية والسبعين ويأتيني أحياناً لكنه في إجازة …
– هل ما زلتي تقرئين؟
– مللت حتى القراءة ولم أعد أستوعب كثيرا
– قلت لها حاولي تقرئي كتبا جديدا عن الشعر والدين والفلسفة واشغلي وقتك …
– قالت: كم هي مملة الوحدة والفراغ !!!… إنها ثقيلة جداً ومؤلمة أكثر من آلام الجسم…
– قلت لها : الفراغ مزعج مهما كانت السن التي نحن فيها …
– حدثيني عن نفسك قليلاً:
– قالت : أنا أرمنية جئت من تركيا في بطن أمي وولدت في مرسيليا وكان والدي خياطاً ماهراً …
– أما أنا فقد كنت أعمل في شركة تأمين … وزوجي باسكال توفي قبل خمسة عشر عاماً وتركني وحيدة في هذا المنزل، كان يعمل في شركة سيمكا للسيارات …
– هل تطبخين بمفردك؟
– نعم أطبخ طبخا خفيفاً
– ماهو، لقد سال لعابي لم أتناول الغداء حتى الآن …
– قالت اطبخ بعض الطبخات الشرقية القديمة مثل الدولما والمحاشي …
– قلت: لا تكملي …
– ضحكت وقالت :
– دولما الفلفل أو الكوسة المحشية بالرز واللحم المفروم، وورق العنب أيضا …
– ( وراحت تغوص في المطبخ الشرقي) …
– ثم تذكرت أخاها الذي قتل في صراع عائلي … وكيف كان الأقرب إليها وكيف راحت تجري نحو أمها وهي منهارة لتخبرها بنبأ مقتله … بكت .. مسحت دموعها …
– عادت وتسألني عن تركيا هل زرتها ؟ قلت لها نعم … قالت للأسف عجزت ولا يمكنني السفر وكنت أتمنى زيارة خليج البوسفور….
– وأنا معها مرت جارة أخرى أقل منها سناً … تركتها معها وقالت لي نلتقي مرة أخرى…
– قلت لها نعم نعم : وحاولي أن تشغلي وقت فراغك بالقراءة وأخبريني المرة القادة ماذا قرأتِ …

الوسوم
إغلاق
%d مدونون معجبون بهذه: