منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في غزة، بدأت عناصر الشرطة انتشارها في الطرقات، وعادت أفرعها للعمل علنا، رغم فقدانها مقوماتها التي تعرضت للاستهداف والتدمير منذ اللحظة الأولى للحرب.
وعلى مدار عامين من حرب الإبادة، وضعت إسرائيل القائمين على الأجهزة الأمنية ضمن قائمة الاغتيالات، بهدف زعزعة الأمن المجتمعي ونشر حالة الفوضى في قطاع غزة، بعدما بات جميع مرتكبي الجنح والجرائم خارج أسوار السجون.
رغم المخاطر
وفي أول تصريح إعلامي منذ اندلاع الحرب على غزة، أكد الناطق باسم الشرطة الفلسطينية في قطاع غزة العقيد محمد الزرقا، أن جهاز الشرطة “لم يتوقف عن أداء واجبه منذ اليوم الأول للحرب، ولم يترك الميدان لحظة واحدة”، رغم الاستهداف المباشر الذي طال مقراته وكوادره وإمكاناته.
وأوضح الزرقا، في حديث للجزيرة نت، أن “الشرطة الفلسطينية واصلت العمل إلى جانب أبناء الشعب الفلسطيني طوال فترة الحرب، وقدمت ما استطاعت من خدمات شرطية وإنسانية”.
وأشار إلى أن طبيعة العمل والوسائل تغيرت بفعل ظروف الميدان، التي فرضت أحيانا على عناصر الشرطة عدم ارتداء الزي العسكري أو عدم الوجود في المقرات الرسمية، بعد أن تعمد الاحتلال استهدافها، وعملت من أماكن بديلة وقريبة من المواطنين، وواصلت تقديم خدماتها بالحد الأدنى، وفق الإمكانيات المتاحة في الظروف القاسية.
ومع دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، بدأت الشرطة الفلسطينية بممارسة عملها بشكل أوسع، وأعادت انتشارها في جميع محافظات قطاع غزة، حيث عاد أفراد الشرطة للالتزام بالزي الشرطي المتوفر، وفق الناطق باسمها.
وأشار إلى أن الاحتلال دمر خلال العامين الماضيين 20 مركزا للشرطة بمختلف محافظات القطاع، لذا فهي تعمل حاليا من مقرات بديلة، في ظل انعدام شبه كامل للإمكانيات بعد تدميرها خلال الحرب.
وأوضح الزرقا أن إدارات الشرطة المختلفة تواصل أداء واجباتها، لا سيما تلك المرتبطة بشكل مباشر بحياة المواطنين، مثل إدارة الاستجابة السريعة التي تعمل على تحييد مخاطر مخلفات الحرب غير المنفجرة، والاستدلال على مسارح الجرائم، إلى جانب إدارات المباحث العامة، والمرور، ومكافحة المخدرات، والحراسات، ومباحث التموين، والمباحث الفنية والطبية، وغيرها من أقسام الشرطة، التي تعمل جميعها ضمن إطار لجان الطوارئ.
استهداف الشرطة
تشير آخر إحصائية محدَّثة حصلت عليها الجزيرة نت من المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إلى أن قوات الاحتلال قتلت خلال حربها على غزة أكثر من 787 عنصرا من الأجهزة الأمنية والشرطية وعناصر تأمين المساعدات في غزة وهم على رأس عملهم.
ومن بينهم مدير عام جهاز الشرطة اللواء محمود صلاح الذي تعرض لعملية اغتيال، بالإضافة إلى عدد من مديري الأجهزة التخصصية والقائمين على مفاصل جهاز الشرطة.
وفي هذا السياق، قال مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة إن جهاز الشرطة كان في مقدمة أهداف الاحتلال منذ بداية الحرب، “في محاولة لزعزعة الجبهة الداخلية وخلق حالة من الفوضى داخل قطاع غزة”.
وأضاف الثوابتة، في حديث للجزيرة نت، أن الاحتلال استهدف “رموز وقيادات” الشرطة بهدف إرباك المنظومة الشرطية، “إلا أنها استطاعت تجاوز هذه الاستهدافات من خلال إيجاد بدائل وملء الشواغر، والاستمرار في العمل بالحد الممكن”.
وأوضح أن الاحتلال دمّر كل مقومات العمل الشرطي، بدءا من استهداف القيادات والعناصر، مرورا بتدمير المقرات والمركبات الشرطية، واستهداف المختبر الجنائي، وأدوات العمل ووسائل الاتصال والمواصلات، مؤكدا أن الشرطة تعمل اليوم “بالإرادة لا بالإمكانيات”، التي باتت شبه معدومة.
خدمة المواطنين
ومع تعمّد الاحتلال استهداف كل المكونات الأمنية والقضائية في غزة، أقر المتحدث باسم الشرطة العقيد محمد الزرقا بوجود صعوبات كبيرة في تنفيذ القانون، نتيجة استهداف الاحتلال للمنظومة العدلية بشكل كامل، بما يشمل الشرطة والنيابة والقضاء والسجون، مما أدى إلى تعطيل عمل المحاكم والنيابات.
وأكد الزرقا أن الشرطة والنيابة تعملان حاليا جنبا إلى جنب، حيث يباشر وكلاء النيابة عملهم من داخل مراكز الشرطة، لمتابعة القضايا وتسييرها، إلى حين تهيئة الظروف اللازمة لاستئناف عمل الجهاز القضائي بشكل كامل، مشددا على أن حقوق المواطنين وملفاتهم محفوظة، وتُتابع بعلم النيابة العامة وتحت إشراف القضاء.
وأعادت الأجهزة الشرطية إجراءات الاحتجاز وتقديم المتهمين للمحاكمة، في مختلف محافظات قطاع غزة، حيث شدد الزرقا على أن الشرطة جهاز مدني بحت، وفق التعريفات والمواثيق الدولية، ولا يتبع لأي جهة سياسية، ويؤدي دورا مهنيا وإنسانيا يتمثل في خدمة المواطنين، وحفظ الأمن، وحماية الأرواح والممتلكات في قطاع غزة، رغم ظروف الحرب والاستهداف المتواصل.
المصدر: الجزيرة
موقع السياسي متخصص في الشؤون السياسية