أخبار العالم

هل تغير الحرب في أوكرانيا حسابات أمن إسرائيل؟

نشر موقع “ناشونال إنترست” (the National Interest) تحليلا تناول تأثير الحرب الروسية في أوكرانيا على الحسابات الأمنية الإسرائيلية، وما قد ينجرّ عنها من تداعيات من شأنها تقييد العمليات الجوية الإسرائيلية في لبنان وسوريا وتغيير حسابات تل أبيب العسكرية.

ويرى الكاتب الصحفي سجاد صفائي، في مقاله الذي نشر بعنوان “هل تغير الحرب في أوكرانيا حسابات أمن إسرائيل؟”، أن إسرائيل تمكنت خلال معظم تاريخها من السيطرة بسرعة وحسم على القوات المسلحة لجيرانها العرب داخل أراضيهم.
لكن قوة الردع الإسرائيلية منيت بإخفاقات في العقدين الماضيين، فقد شهدت “قدرة الردع” الإسرائيلية تراجعا متسارعا بعد الطرد المهين للقوات الإسرائيلية من لبنان في عام 2000، عندما تمكن حزب الله -الجماعة المسلحة التي تعدّها الولايات المتحدة وإسرائيل مليشيا من “الرعاع”- من إرغام الجيش الإسرائيلي “الذي لا يقهر” على الانسحاب من جنوب لبنان.

ويستفيض الكاتب في عرض جوانب من الإخفاقات العسكرية الإسرائيلية في لبنان، وعمليات حزب الله النوعية التي نجح من خلالها إلى حد كبير في وقف هجمات الجيش الإسرائيلي البرية، لكن الحزب ظل عاجزا عن تحدي التفوق الجوي شبه المطلق للقوات الإسرائيلية في سماء لبنان.

ويقول صفائي إن قدرة الردع الإسرائيلية التي تعدّ ركنا من أركان العقيدة الإستراتيجية الإسرائيلية سرعان ما أصبحت مرادفة للتفوق الجوي الإسرائيلي.

وقد عملت إسرائيل في السنوات الأخيرة على منع كل ما من شأنه أن يشكل تحديا لتفوقها الجوي، فشنّت ضربات جوية داخل لبنان وسوريا لمنع الأسلحة الروسية المضادة للطائرات من الوصول إلى حزب الله.

ولكن الضربات الجوية وحدها لا تكفي للحفاظ على تفوق إسرائيل الجوي، إذ سيتعين على تل أبيب تقليل أو إيقاف تدفق تلك الأسلحة -التي قد تغير قواعد اللعبة- من روسيا نحو سوريا. ولتحقيق ذلك، يرى صفائي أن الحكومة الإسرائيلية ستسعى للحفاظ على علاقتها الباردة والمستقرة مع موسكو رغم التوترات بين روسيا والغرب.

ويرى المقال أن مخاوف إسرائيل بشأن دور موسكو في الشرق الأوسط بقيت حتى عام 2015 مقصورة في معظمها على بيع روسيا لمعدات عسكرية غيرت قواعد اللعبة، مثل أنظمة الدفاع الجوي لخصمي إسرائيل: سوريا وإيران، والتي من المحتمل أن تجد طريقها إلى أيدي أعداء إسرائيل الآخرين مثل حزب الله.
نقطة تحول!
لكن أهمية روسيا لأمن إسرائيل -والكلام للكاتب- شهدت تحولا نوعيا في عام 2015 مع التدخل العسكري الروسي في سوريا. فقد كان قرار موسكو بإمداد القوات النظامية السورية والقوات المدعومة من قبل إيران -التي تقاتل “داعش” وغيرها من المتمردين المناهضين للحكومة في البلاد- حاسما في تمكن الرئيس بشار الأسد من استعادة السيطرة على الأراضي السورية، كما جعل ذلك القرار من روسيا الحارس الفعلي للمجال الجوي السوري، الأمر الذي أنتج متغيرا جديدا غير مرحب به في حسابات الأمن الإسرائيلية.

ويشرح الكاتب كيف أن الوجود العسكري الروسي قد حدّ من قدرة إسرائيل على شن غارات جوية ضد الأهداف الإيرانية وحلفاء طهران في عمق الأراضي السورية بعد أن كانت من قبل قادرة على ضرب تلك الأهداف من دون عائق يذكر.

ويمضي بالقول إن هدف الغارات الإسرائيلية منع أي وجود عسكري إيراني طويل الأمد في سوريا المجاورة، ولكن الإسرائيليين الآن يحتاجون للحصول على موافقة موسكو وتعاونها قبل شن أي ضربات جوية داخل الأراضي السورية.

ويرى الكاتب أن الغزو الروسي لأوكرانيا قد عقّد الأمور، إذ اضطرت تل أبيب، بضغط من حلفائها الغربيين وخاصة الولايات المتحدة، إلى اتخاذ إجراءات غير مسبوقة ضد الغزو الروسي لأوكرانيا.

فقد صوّتت إسرائيل لمصلحة قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يدين الغزو الروسي، كما دان وزير الخارجية يائير لبيد أكثر من مرة الغزو الروسي لأوكرانيا، وصوّتت إسرائيل أيضا لمصلحة قرار تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بسبب مذابح يُزعم أن القوات الروسية ارتكبتها في بوتشا بالقرب من كييف، كذلك قطعت البنوك في إسرائيل العلاقات مع البنوك الروسية الخاضعة للعقوبات.

استياء
ويقول الكاتب إن التحول في الموقف الإسرائيلي قد أثار استياء موسكو، وإن كانت إسرائيل قد تمكنت حتى الآن من احتواء الرد الروسي إلى حد كبير. ولكن إذا استمرت الحرب الروسية الأوكرانية وتصاعدت حدة وتيرتها، فقد يرد الروس على موقف إسرائيل المتشدد تجاه غزوهم لأوكرانيا من خلال إعاقة قدرة إسرائيل على شن غارات جوية خالية من المخاطر داخل سوريا.

وقد أفاد التلفزيون الإسرائيلي أخيرا بأن نظام دفاع جوي روسي من طراز “S-300” أطلق صواريخ على طائرات إسرائيلية عائدة من غارات داخل سوريا لأول مرة، كما استدعى الروس في الأيام الأخيرة السفير الإسرائيلي في موسكو بعد غارة جوية إسرائيلية على مطار دمشق الدولي. ويرى الكاتب أن التوترات مع إسرائيل إذا وصلت إلى نقطة تحول فقد يحمل ذلك روسيا أيضًا على منح مساحة أكبر للقوات الموالية لإيران داخل سوريا.

ويخلص الكاتب إلى أن التوترات الروسية الغربية إذا ما أفضت إلى تقويض العلاقات الروسية الإسرائيلية، فإن ذلك سيؤدي إلى ترسيخ وجود القوات العسكرية الإيرانية في سوريا وسيشكل تهديدا جديدا للأمن القومي الإسرائيلي.

المصدر : الصحافة الأميركية

مقالات ذات صلة

إغلاق
%d مدونون معجبون بهذه: