أخبار العالم

سباق قصر قرطاج بين زاهد و متهم بالتهرب الضريبي(تفاصيل)

بعد إغلاق مكاتب التصويت في تونس وظهور النتائج الأولية فاجأ أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد الشعب التونسي بتقدمه على سلم الترتيب متفوقا على أسماء كانت مرشحة بقوة بينها الوزير الأول يوسف الشاهد ، ومرشح الحركة الإسلامية عبد الفتاح مورو شخصيات سياسية تونسية، وحصل «بن سعيد» على نحو 19% من الأصوات، ليخوض الشوط الثاني ضد رجل الأعمال نبيل القروي الموقوف بسجن “المرناقية” في العاصمة منذ 23 أغسطس الماضي بتهم تتعلق بتبييض الأموال والتهرب الضريبي ، لتنحسر المنافسة في الوصول لقصر «قرطاج» بين «زاهد» و متهم بالتهرب الضريبي .

من هو قيس سعيد؟ 

حتى وقت قريب لم يكن سعيد واردا في حسابات أحزاب الائتلاف الحاكم كمنافس جدي في السباق الرئاسي أمام منافسين من العيار الثقيل ،لكن سعيد الذي يبلغ من العمر 61 عاماً، الذي تقدم إلى السباق الرئاسي بعد جمعه لتزكيات شعبية، حقق قفزات مذهلة في استطلاعات الرأي خلال الفترة الانتخابية ووجه يوم الاقتراع الضربة القاضية لمنافسيه.

لايزخر التعريف الخاص بقيس سعيد على «ويكبيديا» بالكثير من المعلومات ، ولد  الرجل 22 فبراير 1958 وهو سياسي وأستاذ جامعي تونسي، اشتهر بإتقانه للغة العربية ومداخلاته الأكاديمية المميزة للفصل في الإشكاليات القانونية المتعلقة بكتابة الدستور التونسي بعد الثورة. 

وحصل «بن سعيد» على شهادة في الدراسات المعمقة في القانون الدولي العام من كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس 1985 ، ودبلوم الأكاديمية الدولية للقانون الدستوري تونس 1986و دبلوم المعهد الدولي للقانون الإنساني بسان ريمو إيطاليا 2001.

درس بكلية الحقوق والعلوم الاقتصادية والسياسية بسوسة 1986-1999وكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس، وهو عضو في  فريق خبراء الأمانة العامة لجامعة الدول العربية المكلف بإعداد مشروع لتعديل ميثاق جامعة الدول العربية 1989-1990 .

ويمثل فوز قيس سعيد ونبيل القروي تحولا كبيرا ودراماتيكيا في المشهد السياسي الذي برز في أعقاب الانتخابات الأولى إبان الثورة عام 2011، وصفعة للأحزاب السياسية الكبرى، وعلى عكس المرشحين الرئيسيين على الورق لم تحظ الحملة الانتخابية لقيس سعيد بأي بهرجة أو علامات تعبئة في الشوارع، بل أنها تميزت بالتقشف والحد الأدنى والعمل التطوعي. 

وظهر المرشح المفاجأة في أغلب زياراته محاطا بأنصاره في المقاهي وأغلبهم من الشباب والطلبة، وكان أعلن قبل ذلك رفضه لأي تمويل حزبي أو عمومي، لا يملك سعيد سجلا سياسيا أو انتماء حزبيا وحتى وقت قريب لا يعد شخصية معروفة للطبقة السياسية وأغلب نشاطاته ترتبط بجمعية القانون الدستوري، كما أن له كتابات متخصصة في هذا المجال، كما رفض قيس سعيّد، أي تحالف في الدورة الثانية متمسكا بـمشروعه “القائم على الديمقراطية المحلية”.

من هو نبيل القروي ؟ 

رغم أن قطب الإعلام التونسي نبيل القروي لم يدشن حملته بنفسه، حيث تم توقيفه قبل انطلاق حملته الانتخابية لاتهامه في قضايا فساد، إلا أنه فاز بثاني أكبر نسبة تصويت ضمن 26 مرشحا،وتأهل للمنافسة في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التونسية، مواصلا إثارة الجدل.

وأثار إعلان القروي ترشحه للانتخابات الرئاسية قلق دوائر الحكم، إلى حد أن البرلمان أقرّ في يونيو الماضي تعديلا للقانون الانتخابي تقدمت به رئاسة الحكومة ينصّ على رفض وإلغاء ترشح كل من يتبين قيامه أو استفادته من أعمال ممنوعة للأحزاب السياسية خلال السنة التي تسبق الانتخابات التشريعية أو الرئاسية، غير أن الرئيس التونسي الراحل الباجي قائد السبسي لم يوقع على التعديل، تاركا الباب مفتوحا أمام القروي للمشاركة.

أسس القروي حزب “قلب تونس” ودخل به الانتخابات، لكن تم توقيفه قبل انطلاق الحملة الانتخابية وسجنه، فتولت زوجته سلمى سماوي التي تعمل بشركة “مايكروسوفت” مواصلة حملته،و يواجه  مؤسس قناة “نسمة” التلفزيونية الخاصة، العديد من القضايا ضده وضد قناته التي كانت مقربة من دوائر الحكم سابقا.

نبيل القروي رجل تسويق بامتياز، شغل مناصب إدارة أعمال في شركات “كولغيت” و”بالموليف” ثم “هينكل” الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قبل أن يؤسس مع شقيقه غازي القروي شركة “قروي أند قروي” للإعلام والإشهار عام 2002.

ومع اندلاع الثورة التونسية في 2011 أصبحت قناته التلفزيونية “نسمة تي في”، التي كانت متخصصة في برامج الترفيه، تحظى بمتابعة واسعة من قبل التونسيين، وخصوصا عندما انتقلت إلى بثّ البرامج الإخبارية الناطقة باللهجة العامية.

وكثيرا ما واجه القروي انتقادات واسعة واتهامات بتسخير قناته التلفزيونية لخدمة حملة الباجي قائد السبسي للرئاسة عام 2014، وقدّم استقالته في نهاية المطاف من القناة في عام 2016 وانضم لاحقا إلى حزب “نداء تونس” الرئاسي.

نبيل القروي مستهدف بتحقيق قضائي يجريه القطب القضائي والمالي منذ 2017، إثر قضية رفعتها ضده منظمة “أنا يقظ” بتهمة التحايل الضريبي،كما رفعت المنظمة ذاتها قضية أخرى بحق القروي في 20 أبريل 2017 بتهمة “التعنيف” و”القذف”، وسرعان ما شهدت القضية تصعيدا مع تسريب تسجيل يبدي فيه القروي استعداده لشن حملة تشويه لسمعة أعضاء المنظمة، ما أثار فضيحة في حينه، كما تم تجميد ممتلكات وأصول القروي ومنعه من السفر خارج البلاد إلى اليوم.

تمكن نبيل القروي في السنوات الأخيرة من تكوين صورة رجل الأعمال الناشط في المجال الخيري بتوزيعه إعانات للعائلات والأشخاص الذين يعانون الفقر في المناطق الداخلية من البلاد، ولعب البرنامج التلفزيوني الأسبوعي “خليل تونس” (نسبة لاسم ابنه الذي توفي في حادث مرور عام 2016) الذي يبث أسبوعيا على قناته “نسمة” دورا كبيرا في ذلك.

ويتنقل القروي بين قرى تونس المعزولة بمظهر شبابي وشعره الأبيض وقامته الرهيفة، فيصغي إلى شكاوى السكان من صعوبة الحياة مع ارتفاع التضخم ونسبة البطالة التي تطال أعدادا كبيرة من شبابهم.

ولم يحدد حتى الآن توقيت الدور الثاني الذي سيقرر مصير ساكن قصر «قرطاج» الجديد، فهل يحقق المرشح قيس سعيد المفاجأة ، أم أن دوائر النفوذ ستستعيد قيادة البلاد، ليتواصل الجدل القانوني حول إطلاق سراح القروي بعد توليه رئاسة البلاد، بعد احتدام الجدل حول ترشحه.

الوسوم
إغلاق
%d مدونون معجبون بهذه: