أخبار وطنية

في الوحدة الوطنية / محمد الأمجد ولد محمد الأمين السالم

إلى فخامة رئيس الجمهورية

السيد محمد ولد الشيخ الغزواني

السيد الرئيس أحييكم تحية صادقة وأهنئكم على الثقة الكبيرة التي فزتم من خلالها بجدارة فأصبحتم رئيسا للجمهورية الإسلامية الموريتانية بموجب رئآسيات 2019 التي تميزت بالنظافة والشفافية في أول تناوب ديمقراطي سلمي على السلطة بين رئيسين موريتانيين منتخبين.

السيد رئيس الجمهورية لقد شجعني على كتابة هذه الرسالة إليكم ما تضمن إعلان ترشحكم وبرنامجكم الإنتخابي: تعهداتي

من استعداد تام لحل المشكلات العالقة والحوار حول الملفات الوطنية وما أظهرتم خلا ل الحملة الرئآسية من مرونة وحكمة

واحترام للمنافسين وتأكيدكم الدائم على أنكم ستكونون رئيسا للجميع وأنكم تثمنون كلما تحقق من إنجازات في تاريخ موريتانيا

السيد رئيس الجمهورية 
إن الآمال عريضة والمطالب كثيرة، لكن أهمها حسب رأيي هو ترسيخ الولاء للدولة لأنه الشرط الأساسي لبقائها وسلامة كيانها أولا ثم الشرط الأساسي لتنميتها وازدهارها ثانيا .

وفي هذا السياق فإن مواطنة الموريتاني تتميز بالهشاشة والضعف فهو من الناحية الشكلية مواطن ينتمي لدولة تسمى موريتانيا لكن ولاءه، الذي يوجه ممارسته السياسية هو قبيلته، أوجهته أوعرقه أو للشريحة الاجتماعية التي ينتمي إليها أما أيديولوجية التي تشبه المعتقد فهي الولاء المفرط للمال وحبه حبا جما.

ولما دخلت الديمقراطية على الخط نفخت حريتها الفوضوية وفضاؤها الإعلامي اللا محدود الروح في تلك الولاءات الضيقة بل إنها أنتجت ما يضيق المقام عن حصره وتصور خطره من ولاءات جديدة وممارسات خبيثة شملت الفحش في القول والجهر بالسوء والتشكيك في كل شيئ.

يتأكد حرصنا على بناء الولاء للدولة الموريتانية أيضا إذا علمنا أن بلدنا الحبيب يقع في قلب منطقة مضطربة وضمن عالم يطبعه الصراع والحروب والإرهاب والفتن والمحاور الإقليمية والدولية والانقسامات العرقية والهجرات الكونية والصدامات الحضارية والأزمات البيئية والمواجهات الدينية وتسيره قوى دولية تتصارع على الموارد وتتنافس على التفوق والسيطرة وتسعى بصفة دائمة لإملاء إرادتها.

إن أول شرط من شروط البقاء الإيجابي وبناء دولة الحاضر والمستقبل في عالم تلك سماته هو القضاء على الولاءات الهشة وبناء الولاء القوي لوطن يسمى موريتانيا.

تأسيسا على ما سبق فإنني ألتمس منكم يا فخامة رئيس الجمهورية :

أولا: أن تعتبروا استئصال العبودية والقضاء على تبعاتها منطلق المشروع التنموي الشامل لمأموريتكم التي أقترح أن تطلقوا عليها مأمورية الوحدة الوطنية.

إن الموقع المشرف الذي احتل المرشح برام ولد الداه ولد اعبيد في رئآسيات 2019 بحصوله على أصوات أكثر من ثمانية عشر في المائة من الموريتانيين.

والتأثير الانتخابي والسياسي الكبير في كافة مناطق موريتانيا وشرائحها الإجتماعية للزعيم والمرجعية الوطنية التي يجمع الموريتانيون على احترامها الرئيس مسعود ولد بلخير والمكانة السياسية الوازنة للسيد بيدل ولد هميد والتجربة الغنية للسيد محمد فال ولد هنضيه رئيس ميثاق الحراطين والتجربة السياسية والتعليمية الغنية للأستاذ ابراهيم ولد بلال ولد رمظان رئيس هيئة الساحل للتعليم.

وما ساهم به الكثير من أطر ومثقفي الحراطين في بناء الدولة الموريتانية منذ تأسيس الدولة وحتى اليوم

كل ذلك يبين أن شريحة الحراطين بتياراتها المختلفة ومشاربها المتعددة، قوة سياسية كبيرة جدا، ووازنة جدا، وأنها شبت عن الطوق واكتمل نضجها ووعيها السياسي عبر نضال طويل و سلمي وأصيل لم يشبه العنف ولا الاستعانة بالأجنبي وأن عريضتها المطلبية منذ تأسيس حركة الحر في 5 مارس 1975 وإلى اليوم لوحة مشرفة من لوحات النضال من أجل الحرية والانعتاق والمساواة و جزء من مشروع الدولة الموريتانيةالحديثة وتنميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية وقد زاد من شرعية تلك العريضة وأولوية تنفيذها و تبنيها من طرف الدولة وتبنيها من كافة مكونات المجتمع و مصادقة البرلمان الموريتاني على جوانبها التي تطلبت تشريعات قانونية (جرائم الرق وتبعاته ..).

إننا نرجوا أن يسجل التاريخ لمأمورية الوحدة الوطنية أنها استبعدت المقاربات الأمنية والمدارات بالوظائف والشراكة مع تيار مقابل إقصاء تيار آخر في هذا الملف الوطني الذي نعتبره أولوية الأولويات.

لأن ما تعانيه الأغلبية الساحقة من إخوتنا الحراطين لاعلاقة له بتلك الوصفات السياسية والأمنية ولا تجدي فيه نفعا لأنه يتمثل تحديدا في الفقر المدقع والجوع وانعدام السكن اللائق واستشراء الأمراض الفتاكة وحرمان غالبية الأبناء من الدراسة وأمية الآباء والبطالة الشاملة وعدم ولوج الوظائف وغير ذلك من أشكال التهميش والإقصاء مع ما تزخر به موريتانيا من ثروات هائلة ومتنوعة.

إنه واقع يندى له الجبين ولا سبيل إلى القضاء عليه إلا بالعدل الذي هو أساس الملك ولنتذكر جميعا مدلول القولة المشهورة : الدولة تستقيم على الكفر ولا تستقيم على الظلم .

ثانيا : أن تقلبوا الطاولة على الزعامات القبلية والجهوية وقادة التيارات الفكرية التي ستملأ الساحة صراخا وستستعرض عضلاتها الوهمية وقدراتها السياسية الكاذبة أطلب ذلك من رئيسنا الذي تعاقد مع شعب وأمة لصالح مشروع شامل لوطن جامع ولم يتعاقد مع قبيلة ولا فئة ولاحركة سياسية.

ثالثا : أن ترفضوا كل أشكال المحاصصات سواء كانت شرائحية أو قبلية أو قومية وأن تقضوا على ثقافة التعيين القبلي

باختيار المسؤولين من ذوي الكفاءآت القادرين على تطوير قطاعاتهم وتحسين خدماتها إن المحاصصة القبلية أو الشرائحية أو القومية تحول الولاء من ولاء للدولة إلى ولاء لقيادات الشرائح أوالقبائل أوالقوميات ومن هنا يبدأ الصراع الشرس والمفتوح بين تلك القيادات على اقتسام الغنائم والنفوذ وفي وضع سياسي واجتماعي كهذا تختفي ثقافة الأخوة و المواطنة الجامعة إنها البيئة المناسبة لنمو غريزة التحكم والسيطرة وإقصاء الآخر وتفكك الدولة.

رابعا : أن تختاروا بطانتكم الخاصة (ديوانكم الأمني والمدني) من ذوي الكفاءآت العالية والأخلاق الفاضلة وأن تشترطوا في اختيارهم أن يكونوا ممن عرف بعدم الارتباط بالأحزاب والتيارات السياسية وأن يكونوا ممن عرف كذلك بعدم ممارسة السياسات القبلية والجهوية والقومية.

رابعا :لأن الأفكار المتعلقة بإصلاح قطاع الإعلام يضيق المقام عن حصرها فإنني ألتمس منكم أن تعملوا على إصدار قوانين و مقررات تحرم وتجرم بث كل خطاب سياسي أو فكري أو إعلامي طابعه قبلي أو عرقي أو شرائحي أو جهوي أو إلحادي عبر وسائل الإعلام الموريتانية العمومية والخصوصية إذ من الغباء البين أن نقبل بحرية تدمر انسجام وحدتنا الوطنية أوتعتدي على ديننا الإسلامي أوتؤذي الآخرين من خلال النيل من أعراضهم والمس من خصوصياتهم.

مقالات ذات صلة

إغلاق
%d مدونون معجبون بهذه: